السؤال :
جمع المال بين الحلال والحرام:
قال الإمام علي ( ع ) : ما جمع مال إلا من شحٍ أو حرام. وكلاهما حرام.
أود أن أعلم معنى هذا الحديث لو سمحتم.
تمت الإجابة عليه بتاريخ 02-02-2014
الجواب :
الموجود في نهج البلاغة هو "ما جمع مال إلا من شح أو حرام" فقط من دون زيادة (وكلاهما حرام).
وهو أمر حق، فإن المال إنما هو مال الله سبحانه خوله للإنسان ليقضي أغراضه به وحاجاته. ولكن ابن آدم ربما انقلب عنده المقياس، فيتحول المال عنده إلى هدف وغاية في نفسه. وحينئذ يتوجه لجمع المال حرصاً وادخاراً، كأنه يرى في المال منعة وقوة. مع أن المال إذا جمع لا لحاجة حقيقية كان وبالاً على صاحبه وعلى المجتمع. أما على المجتمع، فلأن المحتاجين حينئذ لن يجدوه بسبب احتكار البعض له، وأما على الفرد نفسه، فلأنه يعبر عن مرض استفحل به، فهو يحرس المال بدل أن يحرسه المال، ويكنز المال ويتوجع لكل آفة تطرأ عليه من دون فائدة يجنيها وراءه، بل يعامل معاملة الأغنياء، مع أنه يتصرف به تصرف الفقراء. ولا فرق بينه حينئذ وبين غيره من المحرومين الذين لا يجدون ما ينفقونه به. ولذلك ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام في قول آخر: " عَجِبْتُ لِلْبَخِيلِ : يَسْتَعْجِلُ الْفَقْرَ الَّذِي مِنْهُ هَرَبَ ، وَ يَفُوتُهُ الْغِنَى : الَّذِي إِيَّاهُ طَلَبَ. فَيَعِيشُ : فِي الدُّنْيَا عَيْشَ الْفُقَرَاءِ، وَيُحَاسَبُ فِي الْآخِرَةِ حِسَابَ الْأَغْنِيَاءِ" (نهج البلاغة ص491قصار الحكم 126).
لكن لا يفهم من الحديث أن كل جمع للمال مذموم، بل المذموم هو الجمع الذي لا يكون لحاجة عقلائية. ولعل ادخار المال للحاجات العقلائية لا يسميه العرف جمعاً 